الهُوية الوطنية وصراع الدول في عالم متغير

 

شارك المقال

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Email
LinkedIn

إقرأ ايضا

test

test

على مر العصور والازمنة كانت هوية الدولة تحددها ولاءات النخب المسيطرة  حيث كانت هذه النخب تجتهد لإيجاد وخلق الثقافات التي تتناغم مع عقيدتها ما دفع الكثير من الباحثين والمختصين الى ربط مسألة الحكم بالهيمنة والغلبة والمنعة والقوة …الخ وقد تعدى الامر ذلك حتى بدأت كثير من القضايا الدولية يتم تناولها على اساس مقدار ما تمتلك الدولة من قوة فصنفت الدول الى دول كبرى وعظمى وصغرى …الخ وحددت في ضوء تلك القوة مستويات التأثير السياسي الدولي فهذه الدولة تمتلك حق النقض (الفيتو)وتلك لا تمتلكه واخرى ليس لها ان تناقش …،وبين كل هذه المعطيات يتبادر الى الذهن سؤال كيف يمكن لدولة من المستوى الذي يقع عليها التأثير “إن صح التعبير” ان تتحول الى المستوى الذي تكون فيه مؤثرة، والإجابة لاشك ان تمتلك القوة ولكن كيف؟ وما هي القوة التي ينبغي ان تمتلكها؟. في العصر الحديث كانت الثورة التكنلوجية السمة الابرز التي حولت هذا الكوكب الى ما يشبه القرية الكونية الصغيرة فالتنافس والتأثير والتأثر والتغيير والتغير والتحاورمتاح للجميع ، واذ عدنا قليلا للوراء مع بداية النهضة التكنلوجية لوجدنا ان احدا لم يكن يتوقع ان دولة مثل الإتحاد السوفياتي بعظمة ما تمتلك من ترسانة نووية يمكن ان تتفكك وتنهار بليلة وضحاها ومن دون ان تثار طلقة واحدة ،وهنا يكاد يجمع المختصون على ان جاذبية الثقافة الغربية داخل المجتمع السوفياتي كانت سببا رئيسيا لانهيار هذا العملاق ، وهنا بدأت الأمم تهتم في موضوع هويتها الثقافية بقدر اهتمامها بإعداد جيوشها فظهرت مفاهيم القوة الناعمة والتي يعرفها ناي بانها (الحصول على ما نريد بالجاذبية والاقناع لا بالإرغام)[1] لذا فقد اصبح للكلمة صدى وتأثير يتخطى الحدود حيث بدأ عصر الاهتمام الثقافي فتجد ان اكثر الدول المتقدمة تحرص على إظهار مفاتنها الثقافية وتراثها الحضاري كمصر من مصادر قوتها ، حيث وجد العديد من المختصون امثال الكسندر ونت[2] ونيكولاس اونوف وغيرهم بان الوعي الانساني ممكن ان يكون له دور في الحياة الدولية هذا الدور ينبع من ان هويات ومصالح الدول تستلزم افكارا معينة تنتج البشر كذوات ثقافية هذه الذوات تؤثر من خلال تشكيل المعايير “القواعد” التي تحكم النظام على مختلف مستوياته وكذلك البنى “المؤسسات” التي يعمل النظام من خلالها ، فأصبحت الحروب في العصر الحديث حروبا ثقافية بمعنى ادق بدى المحتوى الثقافي حاضر في كل الحروب [3]سواء كانت عسكرية او غير عسكرية ما دفع الخصوم الى العمل على بذل المزيد من الاهتمام بعراقة تراثها وتثقيف مجتمعاتها بأولويات بقاءها كجزء من تحصين ثغراتها الثقافية وبناء قواعدها المجتمعية فالهوية مصدر من مصادر قوة الدولة الحديثة هي ليست سلاح نووي او بيولوجي ولكنها من الممكن ان تأتي بالتأثير الذي لايمكن ان يأتي به اكثر الأسلحة تقدما . وفي خضم عصر الصراعات والتنافس الدولي يصبح الإرث الحضاري المادة الاساسية والرصيد الذي تستند عيله الدول في بناء ذاتها وقوتها والحفاظ على وجودها الذي من خلاله تنطلق نحو التأثير، فحضارة عمرها يتجاوز ال4000 احتوت في سنيها ال 4000 كل اشكال التنوع الحضاري القادر على انتاج الوعي الانساني او كما يسميها الكسندر ونت الذات الثقافية القادرة على صناعة وتشكيل المعايير والهياكل المؤسسة لوطن مستقر فلا غرابة من استهداف المُعادين لهذا البلد لرموز ثقافتة او عادات مجتمعه اوحتى شعائره الدينية التي هي جز لاينفك عن ثقافته،  فهي اشد فتكاً على مستقبل الأجيال من اشد الاسلحة النووية .
المصادر [1] جوزيف س .ناي، القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية، ترجمة محمحد توفيق البجيرمي،مكتبة العبيكان ، الرياض 2007. [2] الكسندر ونت، النظرية الاجتماعية للسياسة الدولية ترجمة عبد الله جابر صالح،جامعة الملك سعود ، الرياض2006 [3] ماري كالدور، الحروب الجديدة والحروب القديمة تنظيم العنف في حقبة الكونية،ترجمة حسني زينة ،دراسات عراقية 2009

إقرأ ايضا

test

test