التعليم والتنمية وجهان لعملة واحدة, فيعد التعليم الركيزة الأساسية التي تستند علية التنمية, فعند الاهتمام بالتعليم بمعنى نهتم برأس المال البشري بمختلف مكوناته وبالتالي هذا ينعكس على التنمية بشكل كبير ومضاعف. يعرف البنك الدولي رأس المال البشري من المعارف والمهارات والقدرات الصحية التي تتراكم لدى الأشخاص على مدار حياتهم بما يمكِّنهم من استغلال إمكاناتهم كأفراد منتجين في المجتمع. ويمكننا إنهاء الفقر المدقع وبناء مجتمعات أكثر شمولا من خلال تنمية رأس المال البشري. ويتطلب ذلك الاستثمار في البشر عن طريق توفير التغذية، والرعاية الصحية، والتعليم الجيد، والوظائف، وبناء المهارات. وبدون رأس المال البشري، لن يتسنى للبلدان مواصلة النمو الاقتصادي، ولن تكون لديها قوة عاملة مؤهلة للعمل في وظائف تتطلب مهارات أعلى في المستقبل، ولن تتنافس بفاعلية في الاقتصاد العالمي. يحدد مؤشر رأس المال البشري كميا مقدار مساهمة الصحة والتعليم في مستوى الإنتاجية المتوقع أن يحققه الجيل القادم من الأيدي العاملة (1). يمكن تحديد اهم مكونات رأس المال البشري هــي : المعرفة، القدرة، والمهارة(2). 1- المعرفة تعرف المعرفــة بأنهــا كــل شــيء ضــمني أو ظــاهري یستحــضره الأفــراد لأداء أعمالهم بإتقان أو لاتخاذ قرارات صـائبة, أي ان قـوة وثـروة فـي آن واحــد قــوة بوصــفها أكثــر اهمیــه مــن مــورد رأس المــال وقــوة العمــل، وأنهــا الأداة الفاعلـة فـي إیجـاد أو تكـوین القیمـة المـضافة وأنهـا المـورد الوحیـد الـذي لا یخــضع لقــانون تنــاقض الغلــة، أنهــا لا تعــاني مــن مــشكلة النــدرة باعتبارهــا المــورد الوحیــد الــذي یبنــى بالتراكم ولا يتناقض بالاستخدام بــل بــالعكس یمكــن اســتخدامها فــي تولیــد وتطــویر أفكــار جدیــدة بكلفة اقل أو بدون تكلفة إضافیة. 2- القدرة يقصد بها القـدرات التـي یتمتـع بهـا المـورد البـشري والـتي مـن المتوقـع أن یـشغل مـدراء المـوارد البـشریة دور قیـــادي فـــي إســـتراتیجیة المنظمـــة العامـــة، فـــأن العدیـــد مـــن هـــذه المنظمـــات ســـتحتاج إلـــى مـــدراء یمتـــازون بمجموعة من القدرات ومنها أجادة الأعمال, براعة الموارد البشرية, براعة التغير والمصداقية الشخصية . 3- المهارات يقصد بالمهارات أن الـــشركات العریقـــة بكبرهـــا وتقـــدمها وتطویرهـــا الأصـــیل علـــى یـــد اكبر العقول تبقى في حاجة ماسة ودائمة إلى استقطاب دائـم للأفـراد الموهـوبین الـذین یملكـوا مـا یمكـن أن یطلــق علــیهم بالمهــارات فــوق العــادة، لأهمیــة تكلــیفهم بمهمــات خاصــة علــى مــستوى الأنــشطة التــصنیعیة والإداریة والتسویقیة والمالیة. إذن أن النظر إلى العنصر البشري كأحد عناصر الإنتاج ليست بالجديدة، فهي من الأفكار الكلاسيكية لاقتصاديين كلاسيكيين بدورهم (كآدم سميث وألفريد مارشال وغيرهما). لكن الجديد نسبيًا هو النظر إلى التعليم كأحد العوامل التي تشكل شخصيات الأفراد المهنية وتحدد بناء عليها مدى مساهمتهم في العملية الإنتاجية وازدهار الاقتصاد، وبالتالي توجّب النظر إلى التعليم بمناظير الكلفة والعائد والاستثمار، إذ افترضت نظرية رأس المال البشري في البداية أن النمو الاقتصادي لا يمكن ردّه في المجمل إلى المدخلات المادية في العملية الإنتاجية وإنما يُرد إلى تراكم المهارة والمعرفة لدى الأفراد العاملين، وهذا الأمر الأخير يفسّر النمو الاقتصادي الناجم عن غير الموارد المادية، وبذلك سيقت نظرية رأس المال البشري إلى الافتراض بأن التعليم شكل من الاستثمار الذي يتخلى فيه الفرد أو المجتمع عن عوائد حاضرة لأجل عوائد محتملة بحيث تكون العوائد المحتملة في المستقبل أكبر من العوائد التي تم التخلي عنها في الوقت الراهن, أن افتراض بأن التعليم استثمار في رأس المال البشري، قد رفدته الكثير من الدراسات العلمية التي انصبت على قياس عوائد التعليم على الأفراد والمجتمعات، وبالتأمل البسيط يبدو أن الثروة والسلطة والجاه والمكانة قد تُفقد في أي وقت ولا يتبقى للفرد سوى مهاراته التي أنفق عليها من وقته وماله والفرص الأخرى التي ضحّى بها لأجل الاستثمار في ذاته عن طريق التعليم والتعلم(3).. وقد ازداد الاهتمام الدولي بالتعليم لضرورات عدة توجد على مستوى الوطن والفرد. إن ضمان المحافظة على المركز التنافس لأي دولة يتطلب منها استخدام أرفع المستويات التكنولوجية والاستفادة من جميع الاكتشافات والاختراعات التي تم التوصل إليها في العالم. ولا يتسنى لأي مجتمع الاستفادة من هذه الاكتشافات والاختراعات إذا لم يتم تطوير نظامه التعليمي والتدريبي ويجعله قادرا على استيعاب التطورات الكبيرة في أنظمة المعلومات والاتصالات وعلوم المواد, ومن الناحية الأخرى، فإن مساهمة التعليم في رأس المال البشري تنعكس إيجابا في زيادة آفاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة إمكانية التعامل والتعاون بين الدول وعلى مستوى الفرد يساهم التعليم في تحسين الحصول على فرص العمل ومستوى الدخل، مما يخفف من أعباء الفقر ويحد من انتشار الأمراض. ناهيك عن الصدى الاجتماعي والحركية والمرونة التي يوفرها التعليم للقوة العام, إن هذا الاهتمام لا يعني بأي حال من الأحوال عدم وجود عوامل أخرى تؤثر على تنمية القدرات البشرية، بل لقدرة التعليم على التأثير في توفر تلك العوامل وتفاعلها مع بعضها البعض أو مع البيئة المحيطة من خلال زيادة قدرات الإنسان على العيش المشترك، التعلم على اكتساب المعرفة, التعلم على تطبيق المعرفة في الحياة، والتعلم على ما ينبغي أن يكون,, يوفر التعليم نوعا من الاستمرارية في اكتساب المعرفة على المستويين الشخصي والبيئي خاصة في عالم يشهد تطورات سريعة في أنماط التكنولوجيا وأنظمة المعلومات. إن رفع كفاءة العامل في تنفيذ المهمات الموكلة إليه تتطلب إعادة هيكلة أساليب العمل وأدوات تنظيمه وأنظمته لتكون أكثر دعما لنمو المعرفة والفهم الشخصي والجماعي. ويجب تطوير عملية التعليم وأنظمته لتوفير تلك المعرفة المتحركة(4). حين نتحدث عن التنمية في العراق نرى بأنها لا تزال بمراحلها الهشة غير الحقيقة تواجه العديد من المشكلات والتحديات الكبيرة وأهم تلك التحديات المتعلقة بالعملية التنموية ترتبط بصورة مباشر بأحد ركائزها إلا وهو التعليم بمختلف مستوياته, اذ يواجه التعليم في العراق مشكلة تتمثل في وجود فجوة بين المدخلات وسوق العمل, وبين التخصصات الإنسانية والعلمية والمهني, فللتعليم مدخلات ومخرجات فعندما تكون هناك توازن حقيقي بينهما نحقق مستوى في التنمية. ما يحدث اليوم في سوق العمل العراقي هو زيادة الطلب على الاختصاصات العلمية إما الاختصاصات الإنسانية تصارع وحدها على حلبة المجتمع إذ ليس لها استقطاب كبير داخل المجتمع بل يكاد يكون استقطابها محدود جدا, وهذا الأمر يؤدي إلى حدوث اختلال كبير في سير عمليات التنمية, وبما إن التعليم هو المحور الأساسي الذي يمكن من خلاله تنمية رأس مال بشري يساعد بشكل كبير في دفع عجلة المجتمع إلى الإمام, إذ يعد كل عنصر بشري عضو فعال إذ ما قامت الجهات المعنية في الاستثمار وتطور من إمكانياته وقدراته ليكون قادر على الإبداع والابتكار في كافة المؤسسات المجتمعية. بالنظر إلى وضع رأس المال البشري في العراق نجد إن هناك اهتماما ضئيلا بمثل هكذا رأس مال, إذ يتم الاهتمام بالدرجة الأساس برأس المال المادي (العيني) فقط تاركين بذلك رؤوس الأموال الأخر مثل (البشري والاجتماعي والمعرفي) دون تسليط الضوء عليها بصورة مكثفة, فالعنصر البشري ضروري في عملية التنمية بمختلف جوانبها, فعدم الاهتمام به وتنمية إمكانياته يؤدي إلى ضعف وبطئ في التنمية, فالاهتمام بقدرات الإنسان ومهاراته تصبح كعوائد مهمة لجانب لاقتصادي, فنلاحظ أن أعظم الدول التي تقدمت اليوم اهتمت بالعنصر البشري ومكنته من خلال التدريب والتمكين وأطلقته إلى سوق العمل حسب مهارته ليعود عليها بمردود مالي عال, أذن فان الاستثمار في الموارد البشرية يفتح أفاق كبيرة في تحقيق مستوى كبير في التنمية, العنصر البشري في العراق يفتقر الى تنمية القدرات لذلك نرى مؤسساتنا ضعيفة للغاية ولا يحدث بها ابداع ولا تشجع الافراد المبدعين ان وجدوا وهذه من مسؤولية الحكومة والمدراء, ختاما نجد أن الاهتمام الكبير بالتعليم والاهتمام بالعنصر البشري ك(رأس مال بشري) ينعكس وبصورة كبيرة على تنمية المجتمع بمختلف جوانبه, لذا ينبغي اليوم أن نعمل بشكل مكثف على القيام بدورات تدريبية من اجل تطوير التعليم في العراق بالتالي يمكن أن نخلق جيل ذات مهارات وقدرات تعليمية تساهم بشكل كبير في مساعدة المجتمع على النهوض ومواكبة الدول المتقدمة.