فيروس كورونا في العراق.. ما هي نسب الشفاء منه؟ هل للعمر تأثير؟ وهل تختلف نسب الوفاة من الذكور إلى الإناث؟ وهل للأمراض المزمنة تأثير على المصاب؟ طريقة ترتيب المنتجات في مراكز التسوق، كيف تتم؟ وهل لهذا الترتيب تأثير على نسبة المبيعات؟ هل يكفي الذوق العام في هذا، أم للعلمِ والأبحاث رأيٌ أخر؟ السابق ذكره هي أمثلة فعلية عن بحوث حاولتُ تطبيقها لدينا في العراق، لكني إنصدمتُ بعائق عدم توفر البيانات. الأمثلة اعلاه لا علاقة لأحدها بالأخر وذكرتها عمدا لتوضيح مقدار التنوع في الأفكار التي يمكن أن تنتج من توفر البيانات. لا يوجد لدينا في العراق -للأسف- توثيق الكتروني أو تعامل الكتروني حقيقي مع كثير من الأمور وفي كثير من المجالات، والنتيجة نضطر نحنُ الباحثون إلى تطبيق أبحاثنا وأفكارنا على البيانات التي توفرها باقي الدول.
علم البيانات واحد من أهم المجالات اليوم حول العالم، وفي هذا المقال أحاول أن أسلط الضوء على هذا المجال بصورة مختصرة توضح المفهوم لدى عموم القراء الكرام. البيانات اليوم أصبحت كنز يباع بالملايين، بل حتى اعتبره البعض انه النفط الجديد! مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال تعد اليوم من أهم مصادر البيانات، فهنالك ما يزيد على الثلاثة مليارات مستخدم على مختلف منصات ومواقع التواصل الاجتماعي. أعمار هؤلاء المستخدمين، اهتماماتهم، دولهم، وكل ما يتعلق بهم معلومات أصبحت اليوم تباع فعليا بأموال طائلة للشركات والمهتمين. هذه البيانات هي كنزٌ فعلي لمن سيقوم بتحليلها واستخلاص النتائج والحقائق التي يمكن أن يبنى عليها مشاريع. للأسف لدينا في العراق، القطاعات المختلفة، لم تبدأ فعليا باستخدام وتوظيف تقنيات تحليل البيانات، فضلا عن جمع البيانات ابتداءا.. بالعودة إلى الأمثلة التي ذكرتُها في بداية المقال.. وبالحديث عن فيروس كورونا.. فأنا كان لدي بحث باستخدام خوارزميات التصنيف والتي هي من أنواع خوارزميات تعلم الآلة، للتنبؤ بحالة المصاب بالاعتماد على معطيات معينة بعد بناء نموذج يعتمد على حالات المصابين السابقة.
كنت أتمنى تطبيق البحث على مرضى فيروس كورونا في العراق، لكن للأسف لم تتوفر قاعدة بيانات عن المرضى (أعمارهم، أجناسهم، سبب الإصابة، الأمراض المزمنة ان وجدت وغيرها) مما اضطرني إلى تطبيق البحث على قاعدة بيانات وفرتها دول أخرى. أما فيما يخص مثال مراكز التسوق.. دخلتُ على أحد أهم وأكبر مراكز تسوق المواد الغذائية والمنزلية الموجودة في مدينتي، ولفت انتباهي طريقة ترتيب المنتجات في بعض الرفوف حيث لا يوجد ترابط بين المنتجات في بعض الأماكن..ربما لا يعلم الكثير انه عالميا وفي البلدان المتقدمة، طريقة ترتيب البضائع تتم بطريقة علمية بناءا على بحوث ودراسات قد تختلف نتائجها طبعا من بلدٍ إلى أخر. الفكرة بسيطة.. بالاعتماد على قوائم الشراء الخاصة بالزبائن يتم فهرسة المواد وإيجاد مقدار الترابط بين مادة وأخرى، فمثلا الزبائن عند شراء الشاي غالبا ما يشترون السكر على سبيل المثال. يتم دراسة قوائم الشراء وبالاعتماد على مقدار الترابط يتم ترتيب المواد وعرضها للزبون لكي تسهل عليه عملية الشراء بل وربما لتذكريه أيضا. هنالك طبعا خوارزميات خاصة لإنجاز هكذا مهام وتندرج جميعها تحت موضوع أنظمة التوصيات. تطبيق هذه الفكرة لا يحتاج إلى إي جهد حكومي لكن يحتاج إلى ثقافة لدى القطاع الخاص، فليس من السهولة إيجاد مركز تسوق يرضى أن يسلمك جميع تفاصيل الشراء الخاصة بزبائنه. ما سبق ذكره ما هو إلا غيضٌ من فيض، فتوفر البيانات يولد أفكارا لا حصر لها. المستشفيات، المرضى، مختبرات الدم، التجارة البضائع، نسب العرض والطلب لمنتج معين.. معلومات تشكل ثروة حقيقية حال توفر القدرة على التعامل معها وتوظيفها بصورة صحيحة. أخيرا أقول ليته يتم السعي إلى تشكيل مركز وطني معني بجمع البيانات ابتداءا ومن ثم دراستها وتحليلها، مما سيكون له دور ايجابي كبير على كثير من الأصعدة والمجالات مع توفر المهارات البشرية المؤهلة للتعامل مع البيانات، جمعا وتحليلا ومن ثم نشرا وتسويقا.
المصادر
1-Practical Data Analysis, 2nd Edition, Cuesta, H., Kumar, S.,2016
2-Open Source Intelligence Methods and Tools, Hassan, A., Hijazi, R., 2018