test
test
test
قام العلماء بمحاكاة الدماغ البشري وصنع نموذج رياضي برمجي للشبكات العصبية الإصطناعية. إن أبسط شكل لها يتكون من وحدات معالجة بسيطة موزعة على التوازي ومرتبطة بينها بخطوط، هذه الوحدات هي عبارة عن عناصر حسابية تسمى عصبونات أو عقد لها خاصية عصبية، من حيث أنها تقوم بتخزين المعلومات التي يتم تدريبها عليها لتجعلها متاحة للمستخدم لاحقاً وذلك عن طريق ضبط أوزان الخطوط الرابطة بين تلك العقد. أي أن الشبكات العصبية الصناعية ماهي إلا برنامج حاسوبي قائم على نموذج رياضي يحاكي عمل الشبكة العصبية للدماغ البشري لحالة معينة. يوضح الشكل رقم (1) صورة توضيحية لهيكلية الشبكتين العصبيتين الطبيعية والصناعية.
من الجدير بالذكر أن الشبكات العصبية الإصطناعية لها طوران، الأول هو طور التعلم أو التدريب والثاني هو طور العمل أو الإستخدام، ولابد من المرور بالطور الأول وإلا فلا يمكن استخدام الشبكة أو الإستفادة منها. أما طور التعلم فالمقصود به تدريب الشبكة على إدخالات معينة وتعليمها مسميات تلك الإدخالات مهما كانت نوعيتها، صوراً، أو أصواتاً، أو نصوصاً، أو أياً كانت، ويتضمن هذا الطور تقييم مستوى التعلم الذي وصلت إليه الشبكة وتكرار عملية التدريب لحين الوصول إلى المستويات المقبولة. وأما طور الإستخدام فيمكن إعطاء الشبكة إدخالاً محدداً من نفس الفئة الذي تم تدريبها عليه وستقوم الشبكة بتصنيفه كما تعلمت في الطور الأول برغم أن هذا الإدخال يأتيها للمرة الأولى. وهذا الأسلوب مشابه تماماً للمثال الذي أوردناه آنفا حول أسلوب تعلم الأطفال. ومتى تدربت الشبكة لمرةٍ واحدة فيمكن تكرار استخدامها دون الحاجة إلى إعادة التدريب، كما أن وقت التدريب قد يكون طويلاً، لكن الإستخدام لا يستغرق وقتاً، بل يمكن أن يتم في الوقت الحقيقي. من الآن فصاعداً سنستخدم جملة الشبكة العصبية غالباً، ونقصد به الإصطناعية للإختصار.
بعد أن تعرفنا على ماهية الشبكات العصبية يمكننا الآن التعرف على شبكة الخصومة التوليدية والمبنية أساساً باستخدام الشبكات العصبية، ولكن لنبدأ بمثال من حياتنا الإجتماعية، حيث يمكن تخيل شبكة الخصومة التوليدية على أنها شبكة مكونة من خصمين الأول محتال أو مزوِّر والثاني حَكَم أو مقيِّم. يتم تدريب الحَكَم على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مُزيَّف مراراً وتكراراً إلى أن يستطيع التمييز بينهما والحُكم عليهما، كما يتم تدريب المزوِّر على انتاج نسخة مزوَّرة من بيانات عشوائية ومحاولة تحسين أدائه باستمرار كلما أصدر الحَكَم حكماً بالرفض لحين أن يتمكن من خداع المقَيِّم وإيصاله إلى الحُكم على المزيَّف بأنه حقيقي. من هنا أتت تسمية هذه الشبكة بشبكة الخصومة التوليدية، فالخصومة (Adversarial) ناتجة عن المباراة بين خصمين، أما تسميتها بالتوليدية (Generative) فسببها أن المحتال يقوم بتوليد نسخته المزَوَّرة من بيانات عشوائية أي من جُعبته كما نقول. الشكل رقم (2) يلخص هذا المثال.
لو قمنا الآن باستبدال كل من الشخص المحتال والشخص المقَيِّم بشبكة عصبية، كما هو موضح في الشكل رقم (3) وتدريبها بشكل مناسب للتطبيق المطلوب نكون قد أعددنا شبكة خصومة توليدية تتمتع بصفة الذكاء الصناعي ويمكنها انتاج الكثير من النتاجات التي ستأتينا تباعاً في هذا المقال.
من الجدير بالذكر أن هذا النوع من الشبكات يحتاج إلى قواعد بيانات ضخمة لغرض التدريب فمثلاً لو أردنا تدريب الشبكة على صور معينة فيجب أن تكون عدد الصور بعشرات الآلاف غالباً وذات دقة عالية ويمكن زيادة حجم قواعد البيانات بطرق متعددة منها استخدام أحد أنواع شبكة الخصومة التوليدية. أما بالنسبة لزمن التدريب فهو طويل نسبياً ويتم التغلب على هذه العقبة باستخدام وحدات معالجة سريعة وألواح معالجة صورية متطورة واستخدام المعالجات المتوازية لتقليل الوقت اللازم للتدريب. كما أنها سلاح ذو حدين قد يستخدم استخدامات ضارة ومؤذية.
لقد كان اكتشاف هذا النوع من الشبكات هي الومضة التي أشعلت فتيل الإبداع لدى العديد من الباحثين في شتى المجالات، وكانت السبب في تصميم أشكال متنوعة منها، لها تراكيب متباينة وسميت بأسماء علمية ذات دلالات مهمة. سنتجاوز التفاصيل والتسميات ونتطرق باختصار إلى بعض التطبيقات ليتبين للقارئ الكريم مدى مساسها بحياتنا، ومنها:

شكل رقم (6) مثال يوضح إمكانية توليد صور غير حقيقية (داخل المربع الأخضر) بالإعتماد على صورة حقيقية تعتبر هي الأصل (العمود ضمن المستطيل الأزرق) وإضفاء صفة معينة عليها من صورة حقيقية أخرى (السطر العلوي ضمن المستطيل الأحمر).
شكل رقم (9) مثال على تحويل أنماط الصور من حصان إلى زيبرا وبالعكس.

ربما استفضنا بعض الشيء في ذكر التطبيقات وذلك لبيان أهمية الموضوع ومساسه بحياتنا اليومية دون أن نشعر، ومع ذلك فهناك الكثير غيرها.
لقد أثيرت المخاوف بشأن الاستخدام المحتمل لتجميع الصور البشرية القائمة على استخدام شبكات الخصومة التوليدية لأغراض غير نبيلة، مثل إنتاج صور ومقاطع فيديو مزيفة، ربما لأهداف إجرامية، أو إنشاء صور ملفات تعريف واقعية لأشخاص غير موجودين، لخداع المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي. كما ويمكن الإعتماد على تسجيل صوتي لمدة ثوانٍ معدودة على الواتس اب أو غيره، واستخدامه في تلفيق محادثة طويلة أو حديث بصوت ذلك الشخص. وقد تكون الصور والأفلام الشخصية للأفراد عرضة للإستغلال والتزييف. ونظراً لذلك فقد شرَّعت ولاية كاليفورنيا قانونا يحظر استخدام تقنيات تركيب الصور البشرية لإنتاج مواد إباحية مزيفة دون موافقة الأشخاص الذين تم تصويرهم، وكذلك مرسوماً يحظر توزيع مقاطع الفيديو التي يتم التلاعب بها لمرشح سياسي في غضون 60 يومًا من الانتخابات.
تبيَّن لنا أهمية شبكات الخصومة التوليدية ومساسها بحياتنا سلباً وإيجاباً من خلال التطبيقات المتعددة والمتنوعة. كما ثبت أنها فكرة رائعة، وذات تفرعات كثيرة، لكنها لا تخلو من المثالب وإساءة الإستخدام. وهنا نحب لفت انتباه السادة القراء إلى ما يلي:
تم اعتماد عدد كبير من المصادر في إعداد هذا المقال، ولكن تم الإشارة إلى عدد قليل منها فقط للإختصار، كما تم ذكرها مجملة دون الإشارة إليها في أماكن متفرقة من المتن مراعاة للتبسيط. أغلب الصور الخاصة بالتطبيقات مأخوذة من المصادر المذكورة. يمكن للسادة المهتمين التوصل إلى المزيد من المصادر من خلال المصادر المرفقة بهذا المقال [1][2][3][4][5][6].
test